Saturday, June 1, 2024

كيف لم ألحظها؟

 



إن يونيه شهر مميز في الإسكندرية. ومما يميزه أن أشجار النار تصبح في طور الإزهار في يونيه. يطلق الفرنسيون على هذه الأشجار اسم الوهاجة، ويطلق عليها السكان المحليون بوسيائس، وأظن أنها كلمة إيطالية.

 

إنه لأمر جدير بالسفر كل هذه المسافة إلى الإسكندرية لو اقتصر على التقدير لأشجار النار، المزهرة لا سيما مع بداية الصيف. أما في الأوقات الأخرى من السنة، فهي مجرد أشجار عادية ضخمة، مكتنزة ذات أوراق خضراء براقة. لا يمكن أن تتخيل أبدًا قدر الجمال الذي تخبئه بداخلها. تمر من أمامها ببساطة دون أن توليها أدنى انتباه.

 

غير أنه مع نهاية مايو وبداية يونيه تتفتح هذه الأشجار المتواضعة بقوة وتضيء كالشعلة. وحين رأيتُها لم أصدق ناظري؛ فقد بدا الأمر وكأنها مرسومة بفرشاة متوقدة، وبدلا من أن تسفع الأوراق، حولَتها إلى لون أحمر كلون النار.

 

بمرور السنوات تصبح المفاجأة أكثر ندرة. وبمرور السنوات يصبح صغير الأشياء في الحياة هو الأكثر تميزًا، وكأننا نستعيد براءة الطفولة المبكرة. كيف لم ألحظ أشجار النار أبدا حين كنت طفلا في هذه المدينة؟

 

- هاري تزالاس، من كتاب: «سبعة أيام في فندق سيسل»
- ترجمة: غادة جاد
 

 

شجرة بونسيانا في الإسكندرية

 

المعنى وغيابه

  Place des Lices, Paul Signac تحاول ثقافتنا المادية تفسير الإيثار على أنه نابع من دوافع أنانية. وكثيرًا ما يُقال بسخرية إن الأشخاص الذين يت...